الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا شك أن هيئة الزكاة والضريبة والجمارك تُعد من أكثر الجهات الحكومية التي شهدت نقلة نوعية في السنوات الأخيرة، ليس فقط من حيث الانتقال من “مصلحة” إلى “هيئة”، بل أيضاً من خلال تأسيس بنية تحتية قوية للأنظمة الزكوية والضريبية في المملكة، والتحول الرقمي الكامل الذي يجعل من السهل على أي مكلف إتمام معاملاته دون الحاجة إلى زيارة الهيئة، مع استمرار فتح أبوابها لمن يحتاج الدعم، وخدمة عملاء تعمل على مدار الساعة، وتخصيص مديري حسابات لكبار المكلفين.
كل هذه الخطوات تجعل من الهيئة نموذجاً يُحتذى به في التطوير والجاهزية.
ولكن…
من خلال تجربتي المباشرة كمستشار في مجال الزكاة والضريبة على مدى خمس سنوات، أود أن أطرح تساؤلاً نابعاً من واقع نعيشه: هل تحولت الإعفاءات المتكررة من الغرامات إلى دافع غير مباشر لبعض الشركات للتهاون في الالتزام الزكوي والضريبي؟
في منتصف 2020م، وبالتزامن مع جائحة كورونا، أطلقت الهيئة – مشكورة – حزمة من الإعفاءات دعماً للشركات وتخفيفاً لتأثير الأزمة. وقد لاقت هذه الخطوة ترحيباً واسعاً، لأنها أتاحت فرصة حقيقية للشركات لإعادة ترتيب أوضاعها، والتوجه نحو الالتزام بدلاً من تراكم الغرامات التي قد تهدد استمراريتها.
لكن التمديد تلو التمديد، حتى وصلنا إلى إعفاء جديد حتى 31 ديسمبر 2025م، خلق واقعاً مختلفاً. رأينا خلال هذه الفترة بعض الممارسات السلبية، لن اذكرها لاسلط الضوء عليها، أدت إلى ضعف ثقافة الالتزام لدى بعض الشركات.
ومن هنا، يبرز التحدي الحقيقي: كيف نحافظ على التوازن بين دعم الشركات وتحفيزها على الالتزام، دون خلق بيئة تبرر التهاون؟
إن الغرض من الإعفاءات يجب أن يكون تصحيح المسار، لا التمادي في الأخطاء. والهيئة بذلت جهوداً كبيرة، لكننا اليوم بحاجة إلى مراجعة الأثر الفعلي لهذه الإعفاءات من منظور السلوك الضريبي للمكلفين.
ختاماً، نقدّر كل ما قدمته الهيئة من مبادرات، ونثق في نواياها ومهنيتها، ولكننا نرفع الصوت اليوم لنتساءل بصوت عالٍ: هل آن الأوان لإعادة تقييم نهج الإعفاءات؟ لأننا نريد أن نرى التزاماً حقيقياً لا يعتمد على استثناءات، بل ينبع من وعي داخلي وإدراك لمسؤولية الزكاة والضريبة كمساهمة حقيقية في بناء هذا الوطن.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال