الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في عالم الاقتصاد، قد تبدو بعض المؤشرات ” غير الرسمية” مثل “مؤشر البيتزا” و”فنجان القهوة” و”البيرة” مؤشرات بسيطة ولكنها تُخفي وراءها دلالات اعتبارية عن واقع المعيشة والتضخم والقوة الشرائية. وبينما تعتمد البنوك المركزية على معادلات معقدة لرصد التضخم، نجد أن هذه المؤشرات تكشف بذكاء وطرافة كيف يشعر الناس بتغير الأسعار في حياتهم اليومية.
“مؤشر البيتزا” (Pizza Index) ليس أداة معتمدة من البنوك، لكنه يُستخدم في الولايات المتحدة كمقياس طريف للتضخم. فإذا زاد سعر قطعة بيتزا، فغالبًا ما يكون ذلك انعكاسًا لارتفاع أسعار مكوّناتها الأساسية مثل الجبن والدقيق، أو لأسباب تتعلق بأجور العمال والطاقة.
أما “مؤشر بيغ ماك” (Big Mac Index) هو مؤشر اقتصادي طريف لكن له دلالة حقيقية، ابتكرته مجلة The Economist في عام 1986م، ويُستخدم في مقارنة القوة الشرائية بين الدول ومقارنتها بطريقة غير رسمية بناءً على مبدأ “تعادل القوة الشرائية” (Purchasing Power Parity – PPP) أي بالعاميّة، كم تكلفة شراء وجبة “بيغ ماك” في كل دولة بالعملة المحلية وهل هي غالية أم رخيصة مقارنة لو اشتريتها في أمريكا.
ويتضح نفس المبدأ في “مؤشر القهوة” (Coffee Cup Index) والذي يقارن سعر فنجان من المقاهي العالمية – مثل ستاربكس – بين الدول والمدن وكمقياس تقريبي للتضخم وتكاليف المعيشة. على سبيل المثال، يبلغ سعر كوب قهوة ستاربكس في نيويورك قد لا تتجاوز 4 دولار ، بينما في الرياض يبلغ 6 دولار و هذا الفرق يُظهر الفروقات في تكاليف المعيشة، الأجور، والإيجارات، ويقدم نظرة فورية إلى “كم تساوي قروشك في هذا المكان”.
أما “مؤشر البيرة” (Beer Index) ، فكان بنك دويتشه ينشره سنويًا، كمقياس غير رسمي لتكاليف الترفيه والقدرة الشرائية حول العالم، بناءً على سعر زجاجة بيرة في الحانات. الفكرة هنا أيضًا هي ربط السلع اليومية البسيطة، والتي يستهلكها الناس بانتظام بالاقتصاد الكلي.
في تقرير”Mapping the World’s Prices – 2025″ وهو “رصد أسعار السلع والخدمات حول العالم” الصادر من بنك دويتشه، تم تحليل تكلفة المعيشة في 69 مدينة عالمية من حيث الرواتب، الضرائب، الإيجارات، الخدمات، أسعار شراء العقار، الإيجارات، النقل ،فواتير الخدمات، بل حتى وشراء الآيفون، البقالة، المطاعم ، السينما، كوب القهوة، والسيارة ، البنزين، والإنترنت وقد ظهرت الرياض في عدة محاور لافتة.
احتلت الرياض المرتبة 43 عالميًا في تكلفة أغراض البقالة أو المقاضي، حيث جاءت أقل من مدن مثل سان فرانسيسكو وجنيف، لكنها أعلى من دبي وأبو ظبي. ورغم ذلك، شهدت الأسعار فيها ارتفاعًا بنسبة 18% خلال خمس سنوات، ما يدل على تصاعد تدريجي في تكلفة المواد المقاضي منذ 2020م.
أما فيما يتعلق بخدمة الإنترنت، أبو ظبي ودبي هما الأغلى في تكلفة الإنترنت، حيث تبلغ التكلفة الشهرية حوالي 102 دولار في أبو ظبي و101 دولار في دبي. بينما الرياض تحتل المرتبة الرابعة في العالم بين هذه المدن، بتكلفة إنترنت شهرية متوقعة لعام 2025 تبلغ 76 دولارًا.
وتكلفة الانترنت بالرياض تمثل 121% من تكلفة الإنترنت في نيويورك، ما يجعلها أغلى بنسبة 21% منها. والأسوأ أن تكلفة الإنترنت زادت بنسبة 23.7% خلال خمس سنوات مما يعني أن تكلفة الإنترنت ارتفعت بشكل ملحوظ خلال هذه الفترة و تعكس عبئًا ماليًا متزايدًا على العملاء.
الرياض أيضًا ضمن أغلى خمس مدن في تكلفة الاشتراك في النوادي الرياضية (الجيم)، إلى جانب نيويورك وسان فرانسيسكو. هذا يشير إلى أن الخدمات الصحية والرياضية تعتبر فاخرة من حيث الكلفة، رغم أهميتها في نمط الحياة الحديث وتعزيز جودة الحياة والتي هي من برامج الرؤية.
وعلى النقيض من ذلك، تُعد (تكلفة امتلاك منزل) في الرياض سهلة وسريعة وذلك بفضل برامج التمويل العقاري المدعومة.
تكشف هذه المؤشرات أن الرياض تُعد من المدن التي يسهل فيها التملك (بغض النظر عن ارتفاع أو انخفاض أسعار العقار) لكنها تعتبر من الأغلى في الخدمات الرقمية والرياضية. ويأتي هذا في ظل زيادات تدريجية في أسعار السلع الأساسية بسبب ارتفاع التكاليف أو سياسة تقليص الدعم التدريجي.
ختاما، الكبسة بل عفوا، أقصد البيتزا، القهوة، الإنترنت، البقالة، كلها ليست مجرد تفاصيل يومية، بل مفاتيح لفهم الوضع الاقتصادي الحقيقي كما يشعر به المستهلك، ورغم بساطتها، فإنها قد تخبرنا أحيانًا بما لا تقوله المؤشرات الرسمية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال