الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالإمكان أن نتخيل مستقبل يكون فيه الذكاء الاصطناعي حارس لذاكرة الإنسان، ويقوم فيه بتخزين التاريخ والثقافة والذكريات الرقمية للبشرية بشكل لا يُنسى، حيث يُمكن لمثل هذا النظام الذكي أن يوثق كل شيء، بدءا من التقاليد القديمة واللغات إلى القصص الشخصية والمعالم الاجتماعية والشخصيات المرموقة في المجتمعات، مكونا صندوق زمني شامل لوجود الإنسان، سواء كان مقتصرا على بلد واحد مثل المملكة العربية السعودية أو يشمل دول الخليج أو جميع البلدان في العالم.
ومن خلال ترميز ذاكرتنا الجماعية الحالية في قواعد بيانات قوية وسهلة الوصول، من الممكن ان يحتفظ الذكاء الاصطناعي بتفاصيل حياة البشر، والتنبؤ بالمستقبل، متجاوزا عمر الحضارات والأجيال الفردية.
ومن الممكن أن يُعيد هذا الصندوق أو الأرشيف الرقمي أيضا تشكيل علاقتنا بالتاريخ والهوية بشكل عميق، بدلا من الكتب الدراسية الثابتة أو المتاحف المعزولة. ويمكن كذلك للأجيال القادمة التفاعل بشكل ديناميكي مع الماضي، من خلال استكشاف محاكاة غامرة للحضارات القديمة، والاستماع إلى القصص الشفوية للأجداد، أو تجربة الطقوس الثقافية عبر الواقع الافتراضي.
ويُمكن للذكاء الاصطناعي أيضا أن ينسق سرد تاريخي مخصص، يساعد الأفراد على فهم جذورهم وسياقهم الثقافي بطريقة غير مسبوقة، مما يعزز من الوصول إلى التاريخ من خلال التعاطف والفهم، وتوحد البشر من مختلف الخلفيات.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لصندوق الزمن الخاص بالذكاء الاصطناعي أن يكون بمثابة “مرآة للمجتمع”، حيث يسلط الضوء على الأنماط والإنجازات والأخطاء عبر القرون. وبالتالي، يساعد البشرية على التعلم من الأخطاء السابقة والاحتفال بالنجاحات الماضية والحالية بوضوح وعمق. وعلى المستوى الشخصي، قد يتيح للأفراد والشخصيات العامة أرشفة ذكرياتهم وأفكارهم وتجاربهم، لضمان أن جوهرهم يبقى حيا بعد وفاتهم.
ولكن، قد يثير هذا الصندوق الزمني بعض التساؤلات الأخلاقية حول الخصوصية والملكية والمصداقية، على سبيل المثال، من الذي سوف يتحكم في مثل هذا المخزون الضخم؟ هل هي وزارة الثقافة؟ أم وزارة التعليم؟ أم وزارة السياحة؟ أو يكون هناك تنسيق بينهم جميعا؟ وايضا كيف نحمي هذا الأرث الرقمي الضخم من التغيير أو التلاعب التاريخي أو حتى فقدان الأصالة؟
ولكن، بالرغم من وجود مثل هذه المخاوف، قد تعدنا فكرة صندوق الزمن الخاص بالذكاء الاصطناعي بمستقبل يُحفظ فيه سجلنا الجماعي، ويُتاح للجميع الإطلاع عليه والاستفادة منه، ويظل إرثنا دائم يُشكل فهمنا لأنفسنا وللأجيال المستقبلية، ومن أين أتينا، وإلى أين نتجه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال