الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُعد التستر التجاري في القطاع الهندسي من الظواهر السلبية التي قد تتفاقم وتتسبب في أضرار جسيمة على المستوى الاقتصادي، والجودة، والأمان، والتنمية الوطنية. وذلك لأن التستر التجاري في القطاع الهندسي يهدد سلامة المنشآت، ويؤدي إلى تدني معايير الجودة والكفاءة، حيث يتم تشغيل غير المؤهلين أو غير المرخص لهم، مما يزيد من مخاطر وقوع حوادث أو أخطاء قد تتسبب في كوارث، خاصة في مشاريع البنى التحتية، والمدن الذكية، والمباني السكنية، والصناعية، والتجارية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التستر التجاري في القطاع الهندسي يساهم في تكديس المكاتب غير النظامية، ويؤثر سلبا على المكاتب الملتزمة بالأنظمة والتي بالتالي تتكبد خسائر مالية، وتفقد فرص النمو والتوسع، مما يُضعف من تنافسية القطاع بشكل عام. وعلى الصعيد الاقتصادي، يخل التستر التوازن في السوق ويقلل من إيرادات الدولة من الضرائب والرسوم، ويشجع على ممارسات غير قانونية قد تؤدي إلى إضعاف بيئة الأعمال، وزيادة التهرب الضريبي، وتقليل فرص التوظيف والتطوير والتدريب للكفاءات الوطنية، ويؤثر على تحقيق بيئة استثمارية جاذبة.
ومن جهة أخرى، تعمل المملكة على دعم القطاع الهندسي بشكل كبير، فهذا القطاع يوفر أكثر من 256,000 وظيفة ويضم أكثر من 4300 مكتب وشركة هندسية. وفي مواجهة تحديات التستر التجاري في القطاع الهندسي، فإن غرفة الرياض لها دور حيوي في التصدي لظاهرة التستر من خلال حملتها الحالية والتي تركز على التوعية، وتعزيز الرقابة، وتفعيل آليات التنسيق مع الجهات ذات العلاقة، مثل وزارة التجارة، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية. وتتضمن استراتيجيات غرفة الرياض أيضا استخدام أدوات قانونية وإدارية لمتابعة المخالفين، وتقديم دعم للمكاتب الوطنية من خلال برامج تدريبية، وتسهيل حصولها على الاعتماد والترخيص، وتوفير بيئة محفزة للابتكار والنمو. وحقيقة اتمنى ان تتوافق الجهود الحكومية والقطاع الخاص مع هذه الحملة المباركة نحو وضع حدّ للتستر في المكانب الهندسية لا سيما ان الحكومة قامت خلال الفترة الماضية بجهود كبيرة نحو تصحيح وضع التستر في البلاد:
وفيما يخص التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، فلها دور حوري في تعزيز جهود مكافحة التستر التجاري في القطاع الهندسي، من خلال تحليل البيانات الضخمة مثل الوثائق المختلفة كالتراخيص والعقود والمعاملات الأخرى، وكذلك من خلال تحليل صور ومقاطع التصاميم والمباني، يقوم الذكاء الاصطناعي بالتعلم الآلي والتعرف على الأنماط غير الاعتيادية لهذه البيانات الضخمة، وبالتالي، مراقبة عمليات الترخيص والتراخيص الممنوحة، والكشف عن أي تلاعب أو تكرار غير طبيعي في البيانات، أو استخدام مستندات مزورة، أو أنشطة غير مرخصة، وما إلى ذلك. كما يمكن استخدام أنظمة التنبيه المبكر التي تعتمد على خوارزميات تعلم الآلة، للكشف عن المخالفات قبل وقوعها، مما يتيح للجهات المختصة اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات التفتيش الميداني، من خلال استخدام الدرونز أو الطائرات بدون طيار، والكاميرات الذكية، وأجهزة الاستشعار لجمع البيانات بشكل سريع ودقيق، وتحليلها بشكل آلي، مما يقلل من الاعتماد على التفتيش اليدوي ويزيد من كفاءة الرقابة. كما أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساهم في بناء نماذج تنبؤية تتوقع الأماكن والأنشطة الأكثر عرضة لمخاطر التستر، وتوجيه فرق التفتيش إلى المواقع ذات الأولوية.
وفي المستقبل، من المتوقع أن تتطور أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر، وتصبح جزءا لا يتجزأ من منظومة الرقابة والتشريع، مما يضمن بيئة عمل أكثر شفافية ونزاهة، ويعزز من مستوى الثقة في القطاع الهندسي. كما يساهم ذلك في حماية سلامة المجتمع، وضمان استدامة المشاريع، وتحقيق أهداف التنمية الوطنية، عبر تحسين جودة الأداء، وتقليل المخاطر، وتحقيق التوازن بين التنافسية والامتثال للأنظمة.
ولذلك، فإن التصدي الفعال لظاهرة التستر التجاري يتطلب استراتيجية شاملة، تجمع بين التوعية، وتفعيل الأنظمة، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة كالذكاء الاصطناعي، مع تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، لضمان بيئة عمل عادلة وآمنة ومستدامة، تساهم في تحقيق الرؤية الوطنية للمملكة، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للهندسة والتطوير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال