المسؤولية الاجتماعية أصبحت ضرورة لنجاح الشركات!

اليوم، لم يعد دور الشركات يقتصر على تحقيق الأرباح فقط، بل أصبح من الضروري أن يكون لها تأثير إيجابي على المجتمع والاقتصاد! من أجل ذلك، أولت لائحة حوكمة الشركات أهمية كبيرة للمسؤولية الاجتماعية ودورها في استدامة الأعمال!

جاءت المادة 84 من اللائحة على توجيهات استرشادية تهدف إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية في الشركات المدرجة في السوق المالية، مع التوجه نحو إلزامها مستقبلاً بإدراجها ضمن أعمالها وتقاريرها الدورية، وذلك من خلال إنشاء كيان مستقل داخل الشركة أو خارجها يُعنى بهذا الجانب.

في العام المنصرم 2024، اطلعت على العديد من الشركات المدرجة في السوق المالية، ولاحظت التزام بعضها بتحقيق المسؤولية الاجتماعية من خلال مبادرات متنوعة، شملت دعم الشباب عبر برامج التدريب والتوظيف، والاستثمار في مجالات التعليم والصحة، بالإضافة إلى تنظيم الأنشطة الرياضية التي تجمع الموظفين وغير الموظفين لتعزيز الصحة واللياقة البدنية، كما قدمت بعض الشركات برامج تدريب مهني وتعاوني تهدف إلى تأهيل الشباب واكتسابهم المهارات اللازمة لسوق العمل، ومثل ذلك الرحلات الترفيهية التي تنظمها الشركات لمنسوبيها، واللقاء السنوي للموظفين وعائلاتهم.

لا شك هذه المبادرات تساعد على خلق بيئة عمل إيجابية وتقوي العلاقات الاجتماعية بين الموظفين حتى خارج الدوام! وتعكس اهتمام الشركات براحة موظفيها، وتعطيهم فرصة يلتقون ويتواصلون في أجواء حلوة ومريحة!

هذا يعني إن المسؤولية الاجتماعية ليست مجرد خيار، لكنها جزء أساسي من حوكمة الشركات، مثل ما أوضحت لائحة الحوكمة في السوق المالية! فالحوكمة لا تقتصر على تنظيم العلاقة بين المساهمين والإدارة فحسب! بل تمتد لتشمل التزام الشركات تجاه البيئة والمجتمع؛ لأنها عوامل أساسية في نجاح أي شركة! حينها يمكن للشركات أن توفق بين تحقيق الأرباح وخدمة المصلحة العامة!

في عالم المال والأعمال، الشركات التي تستثمر في المسؤولية الاجتماعية تكسب سمعة قوية، وثقة المجتمع، وجذب المستثمرين! وتضمن استمراريتها؛ لأنها قليلة المخاطر! وترفع إنتاجية موظفيها؛ لأنهم يشعرون بالفخر والانتماء لشركة تهتم فيهم وفي مجتمعهم!

بعد مشاهدتي لهذه التجارب، أدركت بوضوح أن المسؤولية الاجتماعية ليست عبئًا على الشركات، بل هي ضرورة واستثمار حقيقي في رأس المال البشري!
وأرجوا أن تتبنى جميع الشركات مثل هذه المبادرات، لأن النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بالأرباح، بل أيضًا بالتأثير الإيجابي الذي تتركه الشركة في مجتمعها وبيئتها.